بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ
الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللهَ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيبًا

Khamis, Ogos 29, 2013

مخطط إسقاط الإسلاميين في مصر .. بداية ونهاية

 معتز بالله محمد – كاتب مصري

خاص بالراصد
لم تأت الإطاحة بالرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، كخطوة منفردة انعكاسا فقط لتردي الأحوال المعيشية لملايين المصريين وتدهور الاقتصاد والخدمات الرئيسية، كما حاول قادة الانقلاب العسكري وأبواقهم الإعلامية تصوير الأمر، وإنما جاءت في إطار مخطط استخباراتي دولي إقليمي مصري، تبلورت أولى ملامحه منذ الإطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك في أعقاب ثورة شعبية هادرة ( 25 يناير 2011)، وقبل الدخول في تفاصيل المخطط يبقى من المهم استعراض موقف الأطراف الفاعلة فيه في أعقاب اندلاع الثورة المصرية قبل أكثر من عامين ونصف العام.
فأمريكا التي كانت ترى في مبارك الحليف الاستراتيجي الأمين الذي دأب على حفظ مصالحها في المنطقة وتحويل مصر - قلب الأمة العربية- إلى مجرد تابع أو مدير أعمال لراعي البقر الأمريكي، وجدت نفسها مع اندلاع ثورة يناير في حالة من التخبط غير المسبوق نتيجة لفجائية الثورة وعدم توقع تطور الاحتجاجات الشعبية على هذا النحو، فأصبحت إدارة أوباما بين شقي الرحى ما بين شعاراتها في حماية الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان من جهة وبين مصالحها وأمن إسرائيل الذي وقف مبارك على مدى 30 عاما حارسا أمينا له، والتخوف من انتقال هذا الغضب الشعبي إلى مزيد من الدول الحليفة في المنطقة.
ومن ثم تذبذبت الردود الأمريكية على الثورة التي باتت مرهونة فقط بأيدي الشعب المصري الذي قرر تحديد مصيره. بكلمات أخرى قررت أمريكا أن تترك للمصريين الفعل على أن تتعامل مع رد الفعل بما يتسق مع مصالحها، فكان في النهاية أن باركت الثورة التي تعلم جيدا أنها ستأتي بالإسلاميين وتحديدا الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم.
وفي المجمل اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية، موقفاً متحفظاً، متذرعةً بترك الأمر للشعب والجيش المصريين، بيد أن استمرار التظاهرات وانتشارها في القاهرة ومختلف المحافظات  المصرية الكبرى أقنع الولايات المتحدة بنهاية نظام حسني مبارك، وهو ما دفع الرئيس باراك أوباما إلى أن يهنئ الشعب المصري في أعقاب تنحي مبارك في 11 فبراير، على الرغم من تداعيات ذلك على السياسة الخارجية للولايات المتحدة وحلفائها التقليديين.
إسرائيل وثورة يناير
إسرائيل من جانبها – والتي اعتبرت أن عصر مبارك هو العصر الذهبي لعلاقاتها بالدولة المصرية- شهدت حالة من الصدمة هي الأخرى والتي حاول قادة دولة الاحتلال امتصاصها فكان أن وجه رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو في 28 يناير أمرا إلى جميع المتحدثين الرسميين باسم الحكومة، ومن الوزراء، بعدم التحدث إلى وسائل الإعلام بشأن ما يحصل في مصر، وكان التعليل لذلك أن إسرائيل ليست معنية بأن تظهر بصورة من يقحم نفسه في الشأن المصري الداخلي.
وفي اليوم التالي بعثت حكومة نتنياهو برقيات سرية عاجلة إلى الولايات المتحدة والدول الأوروبية أكدت فيها أن للغرب مصلحة في الحفاظ على الاستقرار في مصر، وحضت هذه الدول على الحد من انتقاداتها العلنية الموجهة إلى مبارك، وأعربت الحكومة الإسرائيلية عن استيائها الشديد من الخط العلني الأمريكي والأوروبي بشأن التطورات في مصر.
باختصار قررت إسرائيل الانتظار والتريث والتعامل مع الواقع الجديد بما يحقق مصالحها وإن كانت تعرف بحسب محلليها السياسيين ومفكريها أن سقوط مبارك وتولي نظام إسلامي مقاليد الأمور سيفرض عليها مزيدا من التحديات الخاصة باتفاقية كامب ديفيد وحركات المقاومة الفلسطينية.
الثورة والخليج
كذلك شكل سقوط مبارك خطرا محدقا بعدد من دول الخليج العربي الملكية التي رأت أن سقوط النظام في مصر يهدد استقرارها لاسيما وهي لا تملك القوة التي كان يملكها مبارك والتي انهارت تحت وطأة الغضب الشعبي ومن ثم خشيت تلك الدول على نفسها مما سمته دولة مثل الإمارات (تصدير الثورة المصرية) وهو الاتهام الذي وجهته السلطات هناك فيما بعد لعدد من المصريين تم الزج بهم في السجون الإماراتية بإيعاز من ضاحي خلفان قائد شرطة دبي.
هذه الدول مجتمعة مثلت الشق الخارجي في مؤامرة إسقاط الإسلاميين في مصر، وهو ما سنتطرق إليه لاحقا.
العنصر الداخلي
شكل نجاح ثورة 25 يناير ضربة قاصمة لنظام متشعب ومتجذر في مؤسسات الدولة المصرية، بما في ذلك المؤسسات الأمنية بدءا من أجهزة الاستخبارات والشرطة مرورا بالجهاز الإداري بالدولة وصولا إلى رجال الأعمال، والإعلام والقضاء، الذين اعتبروا الإطاحة بنظام مبارك تهديدا وجوديا لهم، وإيذانا باقتلاع شجرة الفساد المتشعبة التي تسلقوها فوصلت بهم إلى عنان السماء.
التيار العلماني لم يكن بعيدا عن المشهد فقد انضم إلى تلك الجوقة فيما بعد، فشخصيات كالبرادعي وحمدين صباحي وغيرهم بما مثلوه من جبهات مضادة للفساد ولنظام مبارك، لعبوا دورا كبيرا في مخطط إسقاط الإسلاميين، ولم يجدوا غضاضة في التحالف مع رموز نظام مبارك، فتوحدوا جميعا لتحقيق هدف واحد.
قنوات الفتنة
سعت كل هذه القوى بشقيها الخارجي والداخلي عبر تحالف غير معلن سنتطرق إليه لاحقا، إلى منع وصول الإسلاميين للحكم بأي ثمن فكان أن فاز الإسلاميون بأول انتخابات حرة نزيهة لمجلس الشعب، ومن هنا بدأت خيوط المؤامرة تتضح بتشويه الإسلاميين وشيطنتهم وتأليب الشارع عليهم من خلال قنوات تم إنشاؤها بأموال رجال أعمال مبارك، تفبرك الأخبار وتختلق القصص ونرى ذلك جليا في تعاطي مثل هذه القنوات مع قضية مثل قيام النائب ممدوح إسماعيل بإطلاق الأذان داخل مجلس الشعب، ومع قضية الضباط الملتحين، وعشرات القضايا الأخرى.
ومن بين هذه القنوات: «سي بي سي» و«مودرن» وقنوات «النهار» التي يملكها جميعا محمد الأمين رجل الأعمال المقرب من مبارك والذي كان ينادي بالتوريث والذي ضخ على سبيل المثال في قناة واحدة هي "سي بي سي" أكثر من 50 مليار جنيه، وهي غير معروفة المصدر، والغريب أن الصحافة تحاشت الحديث عنه بسبب اتساع دائرة المستفيدين من نجوم الصحافة المعروفين والذين يتصدرون المشهد حاليا.
أخطاء الإسلاميين
كان الحاكم الفعلي للبلاد خلال هذه الفترة هو المجلس العسكري بقيادة المشير محمد حسين طنطاوي، ومنذ بداية الفترة الانتقالية سقط الإسلاميون في الفخ المنصوب لهم وفقا للمخطط، فتخلوا عن الميادين التي أوصلتهم للسلطة وقالوا إن الشرعية للبرلمان ولم تعد في الميدان، فكان أن انشق الصف الثوري، واستعدى الإسلاميون الكثير من قطاعاته لاسيما بعد تبرير وقائع قتل وسحل المتظاهرين وتعرية إحدى الفتيات في أحداث محمد محمود وميدان التحرير.
كذلك كان من أهم الأخطاء الاستراتيجية والتكتيكية التي وقع فيها الإسلاميون نظرتهم الضيقة فيما يتعلق بتفكيك مراكز القوى في نظام مبارك، فقد غض التيار الإسلامي عموما والإخوان خصوصا الطرف عن تفكيك هذه المراكز التي كانت تعاضد وتناصر نظام مبارك، وذلك انطلاقا من مبدأ تحقيق المصالحة وفتح صفحة جديدة مع هذه القوى ظنا منهم أن هذه المراكز ستعمل لصالح البلاد، مبرهنين بذلك على سذاجة سياسية كبيرة، ومتغاضين عن أبجديات البناء المؤسسي فيما بعد الثورات والتي تقضي بالتخلص من مراكز القوى القديمة التي ستعمل لا محالة على إعادة النظام السابق لتحقيق منافعها ومصالحها الخاصة.
وفي مواجهة الهجمة العلمانية الشرسة على البرلمان الإسلامي، قابل الإسلاميون ذلك بالرهان على رصيدهم في الشارع والذي ظنوا أن حملات التشويه والتلفيق لن تؤثر عليه، وكان في استطاعتهم تدشين عدة قنوات بآليات عصرية لمواجهة قنوات فلول النظام، والحفاظ على ذلك الرصيد الذي بدأ يتآكل في الشارع، فظهرت قنوات إسلامية ضعيفة للغاية في مواجهة قنوات تمتهن الكذب لكن بمهنية عالية، وبقدرة رهيبة على قلب الحقائق وتزييف الواقع.
وبذلك فقد الإسلاميون في ظل حكم العسكر الكثير من مكتسباتهم القليلة، وأدت خطواتهم الساذجة والانفعالية إلى مضاعفة ورطتهم السياسية في المرحلة الانتقالية.
انتخابات الرئاسة
كل هذه المقدمات لعبت دورا كبيرا في تشويه صورة الإسلاميين والإخوان المسلمين تحديدا، وقد استغل الإعلام المضاد ترشيح الدكتور محمد مرسي- بعد قرار لجنة الانتخابات باستبعاد مرشح الجماعة خيرت الشاطر - لصالح المرشحين الآخرين لاسيما حمدين صباحي رئيس حزب التيار الشعبي، ومرشح الفلول أحمد شفيق، ووصف مرسي بالمرشح "الإستبن".
وجاءت الإعادة بين شفيق ومرسي لتؤكد حجم الهوة التي ضربت المجتمع المصري، الذي بات قطاع واسع منه يحنّ لعودة نظام مبارك، ويكفر بالثورة كفرا صريحا، وما يعضد من تلك الفكرة هو الفارق الضئيل الذي حققه مرسي في انتخابات الرئاسة حيث فاز بنسبة 51% فقط، ومنذ ذلك الوقت بدأ مخطط الإطاحة بالإسلاميين يبدو أكثر وضوحا، وبدأت خيوط المؤامرة تتضح، ويصطف خلفها الكثيرون من المحسوبين على التيار العلماني الذي كان يدافع في الماضي عن الثورة.
 وظهرت بصمات أجهزة المخابرات الأمريكية والخليجية والفلسطينية والمصرية التي أدارت جميعها مخططا محكما لإسقاط الرئيس المنتخب، وتبلور ذلك في إنشاء حركة "تمرد" التي كانت الأداة ذات الوجهة الشعبية المدفوعة مخابراتيا للإجهاز على المشروع الإسلامي، إضافة إلى عشرات الوثائق والتقارير، المصرية والفلسطينية والإسرائيلية والأمريكية التي تثبت تورط تلك الأجهزة في إنهاء حكم الإخوان المسلمين في مصر، وتسليم البلاد على طبق من ذهب للحكم العلماني، وسوف نوجز أهم ملامح المخطط خلال عام من حكم مرسي، لصعوبة تناوله بالتفصيل، فربما يحتاج إلى كتاب كامل للقيام بذلك.
الحرب بالأزمات
اعتمد مخطط إسقاط الرئيس على فكرة إفشاله والتي قامت هي الأخرى على ثلاثة عناصر هامة، أولها كما أسلفنا الإعلام، الذي يسميه الإسلاميون "سحرة فرعون" والذي لم ينفك ينفث سمومه في عقول المصريين فيشوه وعيهم ويزيف إرادتهم بمعلومات وتقارير مغلوطة.
أما العنصر الثاني فكان خلق الأزمات عبر الدولة العميقة التي كانت تسيطر فعليا على مفاصل مصر، حيث كان يتم سكب البنزين والسولار في مجاري الصرف الصحي والصحراء وهو ما تم كشفه في مدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية وفي مدينة الغردقة، وذلك في الوقت الذي كانت فيه السيارات بمختلف أنواعها تقف بالطوابير أمام محطات الوقود. كذلك كان الحال بالنسبة للكهرباء التي كان يتم قطعها لساعات طويلة على مدى عام من حكم مرسي.
وكان للبلطجية الذين يقدر عددهم في مصر بما يزيد عن 400 ألف دور بارز في تأليب المواطنين على رئيسهم المنتخب، فعاثوا فسادا في البلاد: قتلا، وسرقة، واغتصابا، واختطافا وما إلى ذلك من جرائم، وقفت الشرطة منها موقف المتفرج بحجة أنها لا تملك الإمكانيات اللازمة لوقف البلطجة وترويع المواطنين. وفي أحيان كثيرة كان من يذهب للتبليغ عن تعرضه لأي حادث أن يقولوا له في مراكز الشرطة "نحن في أجازة أربعة سنوات" في إشارة إلى قرار الضباط بعدم العمل خلال فترة ولاية مرسي والتي كان من المقرر أن تستمر لأربع سنوات.
العنصر الثالث كان عبارة عن تشجيع الإضرابات والاعتصامات الفئوية التي شلت مصر بشكل جزئي، حيث انتشرت في المؤسسات والقطاعات الحيوية كالسكك الحديدية والنقل العام، والمستشفيات والمدارس، بل وداخل منظومة الشرطة نفسها، وكان الهدف من ذلك إحباط محاولات الرئيس لتحقيق أي إنجازات مهمة قد تحسب له، وتزيد من شعبيته.
الغريب أنه بعد عزل مرسي وتشكيل حكومة جديدة برئاسة الببلاوي، تم الإبقاء على وزراء البترول والكهرباء والداخلية رغم أزمات الوقود والكهرباء وغياب الأمن، الأمر الذي يؤكد أن هؤلاء الوزراء وغيرهم هم من تسبب في خلق تلك الأزمات، ثم كان معهم مفاتيح حلها، فبعد 30 يونيو 2013 لم تشهد مصر أزمة في البنزين ولا السولار وتم توفيرهما بكثافة خلال 24 ساعة في محطات الوقود، وكذلك الحال بالنسبة للكهرباء والأمن.
وثائق وتقارير
وسوف نتناول في عجالة مجموعة من الوثائق والتقارير الأجنبية التي تثبت تورط تل أبيب وواشنطن ومخابرات حركة فتح في رام الله ومخابرات عربية أخرى، في التخطيط لعملية إسقاط مرسي في 30 يونيو.
في البداية لابد من الإشارة إلى وثائق أمريكية كشفت قيام إدارة أوباما بتمويل المعارضين لمرسي بغية إسقاطه، ووفقا للنسخة الإنجليزية لموقع الجزيرة، فإن سلسلة من الأدلة تؤكد ضخ الأموال الأمريكية للمجموعات المصرية التي كانت تضغط من أجل إزالة الرئيس.
والوثائق التي حصل عليها برنامج التحقيقات الصحفية في جامعة كاليفورنيا في بيركلي تظهر قنوات ضخ للأموال الأمريكية من خلال برنامج لوزارة الخارجية الأمريكية لتعزيز الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط، يدعم بقوة النشطاء والسياسيين الذين ظهروا في أثناء الاضطرابات في مصر، بعد الإطاحة بحكم الرئيس المخلوع حسني مبارك الاستبدادي في انتفاضة شعبية في فبراير 2011.
الموقع أشار إلى أن البرنامج الأمريكي الذي يطلق عليه مسؤولون أمريكيون اسم مبادرة "مساعدة الديمقراطية"، هو جزء من جهد إدارة أوباما لمحاولة وقف تراجع العلمانيين الموالين لواشنطن، واستعادة نفوذهم في بلدان الربيع العربي التي شهدت صعودا من الإسلاميين، الذين يعارضون إلى حد كبير مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
هذه المبادرة التي تندرج تحتها عشرات المجموعات أرسلت الأموال لبعض المنظمات في مصر، حيث يتم تشغيل معظمها من قبل كبار أعضاء الأحزاب السياسية المناهضة لمرسي وهم من يوصفون بالعملاء المزدوجين كنشطاء المنظمات غير الحكومية "نشطاء "NGO".
ومن بين الشخصيات التي تلقت تمويلا من هذه الجهات الأمريكية المشبوهة جبهة الإنقاذ حيث قامت من خلال هذه الأموال بدعم حملات الاحتجاجات في الشوارع التي تحولت إلى العنف ضد الحكومة المنتخبة.
 وكذلك المعارِضة إسراء عبد الفتاح وهي ناشطة سياسية وتتنقل عبر مصر لحشد الدعم لحزبها حزب الدستور، الذي يتزعمه محمد البرادعي، وقالت إنها قدمت الدعم الكامل لاستيلاء الجيش على السلطة، وحثت الغرب ألا يسمي ما حدث بـ "انقلاب".
ومن كلماتها أيضا: "و30 يونيو هو اليوم الأخير من حكم مرسي" وهي الجملة التي أكدتها إسراء للصحافة قبل بضعة أسابيع من وقوع الانقلاب.
تقارير إسرائيلية
بعد أيام قليلة من الانقلاب خرج المحلل العسكري الإسرائيلي روني دانييل مؤكدا في حديث للقناة الثانية الإسرائيلية أن الجنرال عبد الفتاح السيسي أبلغ إسرائيل عن جهوده للإطاحة بالرئيس محمد مرسي قبل ثلاثة أيام من الانقلاب. وأكد دانييل أن الانقلاب العسكري في مصر مفيد لإسرائيل وأنه كان "مطلبا ملحا" لإسرائيل وأمنها.
وفي منتصف يوليو الماضي أذاع "راديو إسرائيل" خبرا أكد فيه قيام محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية للشئون الدولية بزيارة قصيرة إلى إسرائيل بعد الانقلاب على الرئيس المعزول محمد مرسي، ومعه عدد من قيادات الجيش المصري، وأن الزيارة استمرت 5 ساعات فقط.
وفي 28 يوليو أكد مسئول قسم الأخبار في القناة العاشرة الإسرائيلية أنه بدون غطاء أمريكي لم يكن للانقلاب العسكري في مصر أن ينجح، وقال "نداف إيل": "أمريكا في ذات الوقت سمحت للسيسي بإنهاء المهمة. تمامًا، بالمناسبة، كما منحت الإدارة الأمريكية لنظام مبارك مهلة زمنية، أكثر من أسبوع، لتصفية الثورة الفتية. لكن مبارك فشل وحينئذ أدارت له أمريكا ظهرها، فأمريكا تمضي مع المنتصرين. تريد أن ينتصر الجيش لكن صبرها ينفد".
في 4 يوليو قال موقع "ديبكا" الإسرائيلي القريب من الموساد نقلا عن مصادر "استخبارية" أن ما أسماه الانقلاب العسكري في مصر ما كان ليتم لولا مساعدة قوية من دول الخليج، وعلى رأسها السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وتابع أن "الرياض ودبي لم تضعا فقط خدمات المخابرات الخاصة بهما تحت تصرف السلطة العسكرية في مصر، لتمكينها من تنظيم الانقلاب ضد الإخوان المسلمين في القاهرة، إنما أيضًا منحوها التغطية المالية المطلوبة لذلك".
وفي 6 يوليو كتب "عمير ربوبورت"، المحلل العسكري الإسرائيلي والباحث في معهد "بيجن – السادات" للأبحاث الاستراتيجية، إن الفريق أول عبد الفتاح السيسي ينظر إليه في إسرائيل باعتباره بطلا وعبقريا وزعيما يتمتع برباطة جأش منقطعة النظير، كونه أطاح بالرئيس دون إطلاق رصاصة واحدة، ودون تنفيذ انقلاب عسكري حقيقي، ونجح أيضًا في تكوين جبهة مصرية واسعة من خلفه.
أما حركة فتح فقد أرادت ضرب عصفورين بحجر، مساندة القوى العلمانية الساعية لإسقاط الرئيس في مصر، وفي نفس الوقت تشويه حركة حماس لدى الجماهير المصرية المحبة لها، فعملت وفقا لوثائق مسربة كشفت عنها حماس مؤخرا على التعامل عبر مخابراتها مع وسائل إعلام مصرية مقروءة ومرئية، بهدف التنسيق لنشر وإذاعة أخبار مضللة عن حماس، وتركزت هذه الأخبار حول تورط حماس في حادث مقتل جنود رفح العام الماضي، وتورطها أيضاً في القلاقل التي تشهدها سيناء، كما تطرقت الخطة الإعلامية للحديث عن مخطط بين حماس وجماعة الإخوان في مصر لتحقيق مصالح الحركة في سيناء، وغيرها من الأكاذيب التي سوقها الإعلام المصري بحق حركة حماس طوال الفترة الماضية، من أجل تشويه الحركة. ولا عجب بعد ذلك أن نجد الرئيس مرسي متهم بقضية لا يسوقها إلا الصهاينة وهي التخابر مع حركة حماس!
وفي الحقيقة كانت محاولة الإضرار بحماس، محاولة عامة لضرب التأييد الشعبي المصري لحركات المقاومة الفلسطينية، والإضرار بموقف الرئيس مرسي، ليستفيد من ذلك جهتان هما إسرائيل وحركة فتح، إضافة إلى المعارضة المصرية في الداخل، ما يؤكد حقيقة التحالف الدولي الإقليمي للإجهاز على المشروع الإسلامي في مهده.
خاتمة
إن نزول ملايين المصريين، مسيحيين وفلولا، وعلمانيين، ومغيبين، وجنودا بزي مدني، يوم 30 يونيو لدعم انقلاب السيسي لم يكن سوى الفصل الأخير كما قلنا في المخطط الدولي الإقليمي للإطاحة برئيس تكالبت عليه كل قوى الأرض، وتهاون هو الآخر في اتخاذ قرارات قوية للإطاحة بمراكز القوى، وهي الخطوة التي كان من الأنسب اتخاذها بعد الإطاحة بوزير الدفاع السابق المشير طنطاوي في بدايات حكم مرسي، حيث كان من المفترض وقتها أن يتخلى مرسي عن منهج جماعته الإصلاحي ويتخذ قرارات ثورية يجتث بموجبها جذور الفساد لكن ذلك لم يحدث.
إن ملايين المصريين المنادين بعودة الشرعية في ميادين الاعتصام الآن يؤكدون أن المعركة لم تنته بعد، على عكس ما خطط السيسي الذي وجد نفسه في مأزق شديد، حيث خطط في البداية لجر الإسلاميين المؤيدين للرئيس إلى العنف ومن ثم يسهل إيجاد المبررات لسحقهم، ولكن هذا لم يحدث، وأبدى المعتصمون سلمية منقطعة النظير في مواجهة الرصاص بصدورهم العارية، ليبقى واضحا أن الأيام القادمة قد تشهد بداية انهيار المخطط الدولي للإجهاز على الإسلاميين في مصر، ووقتها فقط سوف ينكشف بالتفصيل ما خفي من هذا المخطط الشيطاني.

Tiada ulasan: